حتى لا تفقد .. الشغف للحياة … بقلم : جمال عمر
الكاتب : جمال عمر
19 يناير، 2025
blog, اخبار عامة, اراء ومقالات, الترفيه والفن والرياضة, التنمية والمشروعات القومية, الرياضة, الشئون الامنية, الشئون الدينية, الشئون العسكرية, الفكر والثقافة والعلوم, المقالات والرأي, سياسة, شئون, متنوعات
90 زيارة

الموت يأتي بغتة عندما ينتهي الأجل المقرر بيد الله ، وهي حقيقة .. فالموت لا يستأذن أحدا ، ولا يعرف بشرا متى تنتهي رحلته ، ولذلك فإن تقدم العمر بابن آدم ، يجعله يشعر باقتراب الأجل ، فيحاول أن يترك إرثا يستحق أن يكون له صدقة جارية ، وخيرا ينفع غيره من البشر ، لعله يشفع له بين يدي ربه ، وخير ما يتركه الإنسان هو ما يمكن أن ينتفع به غيره أطول فترة ممكنة ، ولعل أفضلها التذكير بحكمة ناموس الله في خلقه ، وكشف الغطاء عن بعض حقائق الخ هولق ، والتي يغفل عنها الغالبية العظمى من الناس ، بل وربما لا يدركونها أحيانا إلا بعد مغادرة الدنيا ، لانشغالهم بل وغرقهم في بحور أحداث وفتن وصراعات حركة الحياة من حولهم ، خاصة لو كانوا ممن يؤمنون أن الدنيا هي فرصة وحيدة لا تتكرر ، فيستغلونها لاقتناص المكاسب والمتع ، وهم للأسف الأكثرية ، وهؤلاء لا وقت لهم للتدبر ومحاولة فهم ناموس الله في خلقه ، بل يرون الفهم والتدبر ضربا من الحماقة والإهدار وسفسطة لا قيمة لها ولا عائد منها ، وتلك أول حكمة تعلمتها من الحياة ، وهي أن الغالبية دوما من القطيع الذي يحيا مثل غيره ، وأن قليل من البشر من يحاولون الفهم ، وأقل القليل من يدرك الحقائق فتستقر نفسه ويطيب له عيشه على الدنيا .

ولعل أخطر ما يهدد حياة الإنسان واستقراره وسكينة نفسه ، هو الخلل في قدور (الشغف للحياة) ، فالشغف للحياة هو الدافع لاستمرار الحياة دون عناء ، وهو ما يفجر الأدرينالين في الدم ، فيملأ ابن آدم حركة ونشاطا ، وببساطة هو (الموتور) لسيارة النفس (الجسد) ، فإذا تعطل (موتور نفسك) ، فسوف تحتاج لمن يساعدك سواءا بالدفع (بالزق) ، أو بالسحب (بالقطر) ، فترى الإنسان يستيقظ من نومه مرغما ويتحرك كالسحلفاة ، مقتضبا وربما مكتئبا متشائما ، خائفا متوجسا من كل شيء ، يسيء الظن بالناس وما سوف يأتيه ويحدث له ، وتلك حالة خطيرة خاصة لو استسلم لها صاحبها واعتبرها طبيعية ، ولم يتوقف ليعيد حساباته مع نفسه ، أو يقرأ أكثر لعله يفهم ما لم يفهمه من قبل ، أو يلجأ لمن يستطع أن يساعده ، وأحيانا كثيرة يتم الخروج من هذه الحالة تلقائيا بالتعرض لموقف حاد مفرح أو محزن ، أو بالشعور باقتراب النهاية من أحداث العالم ، وربما بتغير الوظيفة ، أو الوقوع في الحب ، أو حتى بسبب صدمة معينة توقظ عيون البصيرة في القلب ، حيث موضع الفهم والتدبر والإحساس ، ولا تصدقوا أن العقل داخل الجمجمة هو المفكر وصاحب قرار ، فهو ليس إلا حاسب آلي رباني معجز يستخدمه القلب ، لعرض البدائل وتحليل وتنظيم المعلومات وعرض النتائج ، ولكن الحقيقة هي أن القلب هو صاحب عشرات الآلاف من الخلايا العاقلة المسيطرة ، هو الربان لهذا الكائن المسمى بالإنسان (طبقا لأحدث اكتشاف علمي لعام 2024م) ، وهو ما أخبرنا به الخالق العظيم منذ أربعة عشرة قرنا بقوله تعالى .. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46 .

ويعد الملل هو أول طريق فقدان الشغف للحياة ، عندما يعتاد الإنسان تكرار روتينا ثابتا في حركة حياته ، يخاف من تغييره ، فلا يحاول كسره أو تلوين صورته ، وقد يكون الملل عاما في كل حركات الحياة ، وقد يكون في مجالات بعينها ، وأشهر أنواع الملل هي ملل الحياة الزوجية ، والمسئول عنها دوما هو الزوجان معا ، وهو شكل خطير من الملل يهدد استقرار الأسرة ، وربما يعصف بها سريعا ، لو لجأ أحد الطرفين لغريب يشكو له أو يساعده على كسر الملل ، ولم يعد اللجوء للغير مقصورا على العائلة أو الزوج في ظل شبكات التواصل الاجتماعي ، فالانفجار الخطير للأخلاق والقيم على صفحات التواصل أصبح متفشيا ، لدرجة إن حجم الزوجات الباحثات عن كسر ملل الحياة الزوجية على صفحات التواصل أضعاف الرجال ، ظنا منهن أنها صفحات مخفية ويمكن ستر ما يحدث فيها ، حتى أصبحت صفحات التواصل أحد أهم وأخطر وسائل السقوط في علاقات محرمة وتفكيك الأسر ، خاصة في ظل حالة التوحد الأسري المتفشية داخل البيوت ، حيث تجد معظم أفراد الأسرة الواحدة لو اجتمعوا في مكان واحد ، فسوف ترى معظمهم غارقا في محمول أو تاب ، يمارسون علاقات اجتماعية في العالم الافتراضي .

ومن متابعة آلاف المشاكل النفسية الأسرية ، وجدنا أن الزوجة تحديدا قد تلجأ لصفحات التواصل فقط لأنها في حاجة لكلمة حلوة وإحساس بمشاركة آخرين لها وتعاطفهم معها ، والمسئول عن ذلك وهو الزوج الغارق في وديان الحياة ، ويعتقد أن مجرد ممارسته لوجباته الزوجية الروتينية هو كافي لسد احتياجات زوجته العاطفية والنفسية ، بل بعض الأزواج يعتبر الرومانسية مع زوجته نوعا من النحنحة والمحن المرفوض ، وهو لا يدري أنها تجدها لدى غيره ، والكارثة أنه يبدأ بالكلمات والمشاعر الطيبة البريئة ، ويتطور سريعا لأحاسيس ومشاعر محرمة ملتهبة ، تقوض الشرف والأعراض والبيوت ، فقط لأن أحد الزوجين يرى الرومانسية ترفا أو نقصا وعيبا ولا يجوز طرق أبوابها بعد الزواج ، وليس الزوج فقط هو المسئول ، بل إن كثيرا من الزوجات يتسببن في بحث الرجل عن المشاعر والأحاسيس لدى غيرها بمنتهى البساطة ، والأخطر هو مرحلة الشباب ما قبل الزواج ، وهنا حدث ولا حرج ، وسوف تجد على صفحات التواصل ملايين قصص الصداقة الساخنة والحب والعشق والغرام ، ومسلسلات اصطياد عريس ـ أو اصطياد (شقط مزة) فتاة للتسلية ، لدرجة أن كثيرا من يناتنا قد احترفن إشباع مشاعرها عبر علاقات متعددة بكثير من الشباب ، وكثير من الشباب يتغذى بالمشاعر من العديد من الفتيات والنساء ، وهو ما لن يجدوه بعد الزواج ، خاصة وأنهم قد أدمنوا تفريغ طاقاتهم العاطفية عبر صفحات التواصل .

ولا شك أن صفحات التواصل وهي السوق العشوائي للمشاعر ، قد كانت سببا في فساد الأخلاق وتدمير القيم ، وبالتالي خراب آلاف البيوت في السنوات الأخيرة ، وسببا رئيسيا في سقوط كثير من البنات كضحايا للحب والعشق والغرام الاليكتروني والذي ينتهي بكوارث نفسية ومجتمعية ، خاصة في ظل تفشي ظواهر الذئاب الاليكترونية المحترفة والمتربصة بالضحايا السذج ، وبدون مبالغة ، وطبقا لإحصائيات غير رسمية ، تسببت صفحات التواصل في أكثر من 80% من جرائم فقدان العذرية لبنات تحت سن العشرين ، وطبقا لإحصائيات قضايا محكمة الأسرة ، فإن صفحات التواصل كانت عاملا مشتركا في أكثر من 50% من قضايا الطلاق والخلع للأزواج تحت سن الأربعين ، وهي أرقام مرعبة وخطيرة ، وناهينا عن تزايد استخدام صفحات التواصل في غالبية أشكال الجرائم الاجتماعية ، بمختلف مستوياتها وخطورتها ، لأنها وسيلة سهلة لكسر الملل وقضاء أوقات مريحة نفسيا ، والتي تبدأ شفويا بالحروف والكلمات ، وسرعان ما تتطور بعدها لأفعال وفواحش وجرائم وانحرافات تهدم البيوت وتهدد حياة الأسر والعائلات .

ولا شك أن الأسباب الرئيسية لفقدان الشغف للحياة ، تبدأ بالجهل والمتفشي بصفة خاصة في أرقى مستويات التعليم ، فإدراك الهدف من الحياة ، وفهم ناموس الخالق العظيم في خلقه ، هي معلومات يفتقدها الغالبية العظمى من البشر ، فتجد كل إنسان لديه قيمه الخاصة وأهدافه في الحياة ، والتي غالبا ما تكون أهدافا مادية بحتة متمثلة في مكاسب وألوان من المتع والرفاهية ، وعندما يفشل الإنسان في تحقيقها ، وتفاجئه الحياة بما لا يستطيع تغييره ، يفقد رغبته في الاستمرار في الحياة ولكنه يحيا كفرد من القطيع ، وتختلط عليه كل المفاهيم ، خاصة وأنه لم يعتاد على التفكير والتدبر ومحاولة الفهم والتدبر ، ثم يأتي السبب الثاني والأخطر لفقدان الشغف وهو تسارع وانفجار معدلات هجوم المعلومات خاصة المزعجة على عقول وقلوب البشر في الدنيا ، في ظل التقدم التكنولوجي ووسائل الاتصال والتواصل ، وهو ما لا يسمح للنفوس بالتوقف أو فهم ما يدور حولها ، وتدمن النفوس سطحية المعرفة كوسيلة سلبية للدفاع النفسي ، فتتبلد المشاعر ويموت الإحساس وينتحر الحياء ، فتتفشى ظاهرة التنطع النفسي حتى بين الأطفال والبنات ، لدرجة سماع تعبيرات فاحشة تتندر بها البنات والنساء ، بداية من التيك توك ونهاية بعبارات للتندر في عقر بيتك ، ولا تملك ساعتها إلا مواكبة التنطع وفقدان الحياء والنخوة والإحساس ، وهو ما يزيد من خمود شعلة الشغف للحياة .

ولا ندعي كذبا لو قلنا أن بعض الناس ونتيجة جهله ، وفقدانه بعض دوافع الشغف للحياة ، غالبا ما يصنع لنفسه شغفا خاصا مثيرا يدفعه لاستكمال رحلة حياته ، لدرجة أن البعض يذهب لعمله كل يوم ، فقط من أجل التمتع بكلمات حنونة أو مثيرة من (زميل / زميلة) ، والبعض يرتبط بالتعصب لفريق كرة قدم ، فهو يحيا متغذيا على انتصارات فريقه وانجازاته ، والبعض يركز شغفه على كم الرشاوى أو الاختلاسات التي سوف يحصدها من عمله ، والبعض يمارس العشق والغرام الاليكتروني كواجب يومي لا يستغني عنه ، والبعض يمارس كل ذلك في هدوء ونهم ، وهو لا يدري أن ممارساته المحرمة لدوافع الشغف للحياة ، والتي أدمن متعها المؤقتة تزيد من فساد النفس ، وتأكل من نفسه وتزيدها ضعفا وحزنا واكتئابا ، ونهايتها كارثية عند أول تعثر كبير يعصف بكيانه وبكل مكتسباته ، لأنه بنى شغفه للحياة على أسس خاطئة ، ومخالفة لقيم خلق نفسه ، والتي تعرف الحق من الباطل والخطأ من الصواب ، ويمرضها السقوط في الخطأ واستمراره .

ولو أراد الإنسان صناعة شغفه القوي والحقيقي للحياة ، فلا بد له أن يقرأ كتابا مثل القرآن العظيم ويحاول الفهم والتدبر ، أولا ليتعلم الهدف من قدومه للحياة ، وحقيقة خلقه ، والمهمة التي خلقه الله من أجلها ، وما هو مطلوب منه ليحقق سعادته التي تبدأ في الدنيا ، ويستكملها بعد رحيله عنها في الحيوات الأخرى ، فالحياة ليست كما يدعون لمرة واحدة ولن تتكرر ، وتلك هي الفكرة التي لامنا سبحانه عليها ، ووصف من يقولها بالجهل والوقوع في خيالات وظنون كاذبة ، {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }الجاثية24 ، فحياتنا اليوم هي أحد مرات الحياة (حيواتنا) المتكررة على الأرض بهدف تدقيق اختباراتنا في الدنيا ، حتى لا يأتي إنسان يوم القيامة وله أعذار أنه لم يختبر في شكل أو لون أو نوع من الحياة ، أو أن غيره كان أفضل منه حظا في اختباراته ، ولذلك يؤكد سبحانه على تكرار العودة للحياة في أكثر ستة آيات صريحة وواضحة ، ثم يؤكد على إعادة (الإنشاء) لنفوس من يموتون في حيوات ، لم يشأ الله أن نعلم عنها شيئا ونحن أحياء ، وبالتالي فمن الغباء والحمق أن يظن الإنسان أن حياته هي فرصة وحيدة لن تتكرر ، فيفقد الهدف ويتخبط وينحرف .

ثانيا .. لابد أن يعلم كل إنسان أن أحداث حياته هي قدر مكتوب عليه أن يحياه ولا حيلة له في تغييره ، وواهم من يظن أنه يستطيع فعل شيء لمجرد أنه قرر أن يفعله ، بل إن الخالق العظيم يدفع نفسك لتتوق شيء قد كتبه لك أو عليك ، فإن تحقق فقد كتب لك لتختبر فيه ، وإن لم يتحقق فالله يريد أن يعلمك بعضا من حكمته ويذكرك بأنه صاحب الأمر، ويعلمك أن تتعلق به سبحانه وحده فيعطيك ما تشاء ، {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً ، إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً }الكهف23 ، 24 ، وقوله تعالى .. {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }التكوير29 ، فأنت لن تريد شيئا في نفسك إلا لو شاء الله أن تريده ، فهو بيده كل نفوس عباده وخلقه ، نعم .. تلك هي الحسبة ببساطة ، فابن آدم لا يملك سوى النوايا في نفسه ، وهي التي يحاسبه الله عليها ، (إنما الأعمال بالنيات ولكل امريء ما نوى) .

ثالثا .. كل الأشياء والآمال التي يظن ابن آدم أنها قمة أهدافه من حياته ، هي أشياء نسبية قابلة للتغير والتبديل ، وربما كانت لا تساوي قدور ما تتخيله عنه ، لأن خيرية الأشياء للنفوس بيد الله وحده ، وما يصلح لنفس ويسعدها لا يصلح لغيرها ، ولا يعرف حقائق ذلك سوى خالق النفوس وحده ، ولذلك ينصحنا خالقنا في آيات محكمة بعدم الفرح الشديد أو الحزن الشديد لأحداث الدنيا ، بقوله تعالى .. {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ }الحديد23 ، ومتع نفسك بما أهداه الله لك ، وأرضى به ولا تنظر لغيره ، ولا تقارن ما أعطاك الله بما أعطاه لغيرك ، فلكل نفس ما يتناسب مع إصلاح حالها ونوعية اختباراتها ، ولذلك يختص الله بعض مواضع المقارنة البشرية الحساسة والخطيرة كالأزواج ، لأنه يعرف ما يدور في النفوس (إلا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) .. فيقول لكل زوج .. {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى }طه131 ، حيث تعد الأزواج هي أهم وأخطر الدوافع لشغف الحياة ، لأنك لو لديك شغفك النفسي الكافي للحياة خاصة المتمثل في زوج / زوجة رزقك الله به / بها ، فإنك لابد أن تفكر آلاف المرات قبل أن تتورط في علاقة ومشاعر مع آخرين كدافع استثنائي ، قد توقعك في خسارة شريك حياتك الحقيقي أو المستقبلي .

أخيرا .. لا شك أن الشغف للحياة شيئا أساسيا وحاسما في سلاسة واستقرار واستمرار الحياة ، ولضمان الاستمرارية لابد للإنسان ألا ينام يوميا قبل أن يحدد جدولا لأعماله في الغد بداية من صلاة الفجر ، وما سوف يفعله بعدها ، حتى وإن لم يستطع تحقيقه كله ، فابن آدم ميزه الله سبحانه عن سائر خلقه بفطرة رغبته في إعمار الأرض ، وهو ما يمنحه الأمل دوما فيما هو قادم ، ويمنحه الرغبة في التميز والتطور ، ويضفي على حياته رونق الرضا بما يتحقق على يديه ، ولو شاء الإنسان تغيير نمط حياته ، فليبدأ بتغيير أشياء بسيطة في حياته ، بأن يبدأ في الالتزام بصلاة الفجر ، أو يعود نفسه أن يبدأ أي شيء بقوله (بسم الله الرحمن الرحيم) ، أو يلتزم بابتسامة في وجه أي شخص حتى ولو كان لا يحبه ، أو يعود نفسه بإلقاء السلام على كل الناس يعرفهم أو لا يعرفهم ، أو يجبر نفسه أن تتمنى الخير لكل البشر مثلما يتمناه لنفسه ، ويعينهم على ذلك كلما استطاع ، فبعض العادات الصغيرة يتغير نمط الحياة بتغييرها ، فحياة الإنسان بنيان متكامل ، تتغير طبيعته بتغيير تفاصيل بسيط والاستدامة عليها ، هدانا الله لما يحبه ويرضاه ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ..
جمال عمر