أيها الإنسان .. أفق من غفوتك …. بقلم : جمال عمر

النداء ليس غريبا مطلقا ، فالغالبية العظمى من بني آدم ومنذ ولادتهم وحتى لحظة وفاتهم يركضون في الدنيا ، وكأنهم معصوبي العيون والأبصار ، بل إنهم حقا كذلك ، لدرجة أن الخالق العظيم يقول لابن آدم في لحظة وفاته .. {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } ق22 ، وقد شاء الله أن لا يدرك ابن آدم بحواسه إلا فقط ما يحتاجه لتنفيذ مهمة العبودية ، والتي خلقه الله من أجلها ، وهي إعمار الأرض بالعلم والعمل والكد والكدح ، وتلك هي العبادة الحقيقية ، ولكن ابن آدم نتيجة لصراعه ما بين ضعف قدرات إدراكه ، وبين رغبته في التميز ، يسيء استخدام صفة الإبداع التي منحه الله إياها لتعينه على تنفيذ المهمة ، فيتجاهل أنه يعمر الأرض لصاحبها الذي استخلفه عليها ، فيتأله ابن آدم ويظن أنه لابد أن يملك الدنيا ويعمرها لحسابه ولمصلحته وحده ، ليرضي رغبات وشهوات نفسه ، وينسى أنه سوف يصبح أشد الظالمين لنفسه ، لأنه يفتري على الله كذبا فيقول فيه سبحانه .. {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }الأنعام21 ، ولا نصير له لأنه اتخذ إلهه هواه مصداقا لقول الحق .. {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً }الفرقان43 .

والغريب أن ابن آدم يعشق السعى خلف المجهول ، وكثيرا ما يدخل عوالم يجهلها دون علم أو حذر ، وكان أولى أن يتعلم ويدرس ويحاول الفهم لما يدور عنه ، وعلى الأقل يعرف حدوده وقدراته في الدنيا ، حتى لا يبتدع أساطير وضلالات يجعلها مقدسة ، ويضل نفسه وغيره بغير علم ، وكان أولى به أن يسأل الخالق العظيم عن خلقه ، أولا .. لأن الخالق لن يقول كذبا أو خيالا بل سيقول لنا الحقائق كما خلقها ، وثانيا .. أنه سبحانه سيقول لنا ما يخصنا ونستطيع استيعابه وفهمه ، لأنه خالقنا ومبدعنا ، ويعلم قدراتنا على الفهم والإدراك ، وثالثا .. أن سبحانه سوف يخبرنا ما ينفعنا ويجنبنا ما يضرنا ، فهو الأمين المطلق على خلقه وعباده ، تنفيذا لأركان قيومية الله على خلقه ، والتي تتكون من { العلم المطلق ، والقدرة المطلقة ، والأمانة المطلقة } ، ومنها تأتي قوامة الرجل على المرأة ، كما وضحنا من قبل ، وبالتالي فالأولى أن نستمع ونقرأ وندرس ونتدبر آيات الخلق التي انزلها سبحانه وتعالى لبني آدم ، لنعرف من نحن ، وما هي حدودنا وقدراتنا ، وما هي مخلوقات الله الأخرى ، وما هو مستقبلنا ، وما هي حقيقة حركة حياتنا في هذه الحياة وما بعدها .

ولا شك أن كثير منا قد سمع عما يتداوله البعض من الحديث عن الأكوان الموازية والأبعاد الأخرى ، ونظريات الزمكان ، والبوابات النجمية (البعدية) ، وما ينشر حول ظواهر غريبة لا يجد الإنسان لها تفسيرا منطقيا من واقع معلوماته ومدركاته الحسية ، بل أعجب من ذلك أن يكتشف الإنسان فجأة أن كثير من الثوابت العلمية التي كان موقنا بها ، ما هي إلا أوهام وربما أكاذيب متعمدة لإخفاء كثير من الحقائق عن عامة البشر ، كنتيجة مباشرة لتأله البعض على باقي البشر ، واعتبارهم خرافا في القطيع لا يجب أن يعلموا الحقائق ، ليظلوا خاضعين خانعين يركضون في الحياة من أجل رفاهية الصفوة التي تقود المجتمع الأرضي سرا ، ومن وراء الستار ، وبالقطع ليس هذا في إطارا لنظريات المؤامرة ، لأن المؤامرات الكبرى على البشر هي حقائق قائمة لصالح إبليس ، والذي أقسم لله بعزته أن يغوي البشر أجمعين ، وأن يخضع له كثير من البشر ، فيألهونه ويقدمون القرابين له سرا وأحيانا علنا ، بل وأصبح خدامه الآن لا يستحون أن يعلنوا عن أنفسهم يوميا ، خاصة في مجالات الفن التي تكاد تنفجر من امتلائها بخدام إبليس من كل جنس وشعب على الأرض .

ولا شك أيضا أننا نقترب بشدة من النهاية لأمة بني آدم على الأرض ، وربما في الدنيا حيث هي أ\نى (أقل) مستويات الحياة الكونية (لو كنتم تعلمون) ، أو ربما نقترب من منعطف تاريخي حاد وخطير في تاريخ استخلاف بني آدم ، وهكذا تقول كل الشواهد والأدلة ، وهو ما يستدعي أن نتدبر لنفهم ما يحدث ، ربما استطعنا النجاة مما ينتظرنا ، وربما استطعنا أن نوقف أسباب الانزلاق للنهاية المحتومة لبني آدم على الأرض ، ولا نستطيع أن نقول البشر ، لأننا آخر سلالات البشر (مخلوقات ذات بشرة لجسها) ، كما أن البشر هم أحد سلالات فصيل الإنس ، فكل ابن آدم هو بشر وهو إنسان ، ولكن ليس كل البشر هم بني آدم ، وليس كل الإنس هم من البشر أو بني آدم ، فتلك سلالات من بعضها متدرجة ، وهو ما أشار الله له في كتابه العزيز ، ولكننا نتعامل مع اختلاف المسميات بتجاهل أو غفلة تامة ، وما أكثر علامات النهاية لاستخلاف بني آدم ، خاصة في السنوات الأخيرة ، أخطرها هو فجور الإنسان وتحديه لخالقه علنا ، مثل تقنين الغرب وأمريكا للشذوذ وحمايتهم وتشريع زواج الشواذ بل وزواج الإنسان من الحيوانات ، وتلك علامة معناها الوحيد أن ابن آدم بفعله هذا قد حق عليه الفناء ، والعقاب ةالعذاب في الدنيا قبل الآخرة ، وناهينا عن استحلال الإبادات الجماعية بدم بارد لكثير من الأمم والشعوب آخرها إبادة الفلسطينيي الممنهجة .

ولكن قبل أن نتورط في مفاهيم ومعلومات قد تعصف بعقل الإنسان العادي ، لابد وأن نضع معايير للمعرفة ، لمن يعنيه أن يكون مدركا لمفاهيم حياته كإنسان .. يجب أن نتذكر سويا .. أن العلم والإيمان هما مستويان متتاليان لشيء واحد هو المعرفة ، ولدينا مثالا بسيطا للفارق بين العلم والإيمان لتوضيح درجات ومستويات المعرفة ، فمثلا ، وأنت طفل لا تدري معنى الموت فأنت جاهل ، وبتقدمك في العمر ترى البعض يختفي ويقولون لك أنه توفى وهنا قد أصبح لديك (علم) لمعنى الموت ولكنك لا توقن به ، وفجأة يموت والدك أو أحد أقاربك وتدفنه فتصبح (فاهما) لمعنى الموت جيدا ، وعبر حياتك تصادفك أزمات صحية شديدة تظن أنك لن تنجو منها أو حادث شديد تقترب فيه من الموت وهذا سوف يجعلك (مدركا) لمعنى الموت ، وهذه الدرجات الأربعة في المستوى الأول من المعرفة (الجهل – العلم – الفهم – الإدراك) ، وعندما يتقدم بك العمر وتستعرض مراحل حياتك مقارنة بمن حولك في الدنيا ، يولد في نفسك (يقينا) بحتمية الموت ، وهذا (اليقين) هو أول درجات المستوى الثاني من المعرفة وهو مستوى (الإيمان) ، وفي لحظة وفاتك تصل إلى درجة (حق اليقين) في معرفتك بالموت ، ويبقى لك درجة أخيرة هي (عين اليقين) ، وتلك التي لا يدركها بشر إلا في يوم القيامة .

فمستويات المعرفة هما اثنان { العلم – الإيمان } ، والمستوى الأول (العلم) ينقسم لأربعة درجات (الجهل – العلم – الفهم – الإدراك) ، والمستوى الثاني (الإيمان) ينقسم لثلاثة درجا (اليقين – حق اليقين – عين اليقين) ، وتتباين حركة حياة البشر تبعا لاختلاف قدور المعرفة لدى البشر بدرجاتها ومستوياتها ، ويستغل أبالسة الإنس والجن جهل عامة الناس بذلك استغلالا كبيرا ، وأبسطها ما يفعله ملوك التجارة في أي مكان بحملاتهم الإعلانية عن المنتجات أو الخدمات ، لدرجة أننا أصبحنا نرى كثيرا من المنتجات أو الخدمات الخبيثة الرديئة بل والمدمرة تحتل صدارة المبيعات ، كنتيجة مباشر لما يسمونه حملات التسويق ، والتي لا تعتمد مطلقا على جودة المنتج أو الخدمة أو الصالح العام للبشر ، ولكنها تعتمد على مهارة وحرفية عملية التسويق الذي أصبح علما خطيرا ومؤثرا ، باستغلال شهوات ورغبات وشطحات النفس البشرية ، واستغلال تدني مستويات ودرجات المعرفة لدى البشر ، ليس فقط ليقنعهم بالشراء ، ولكن أيضا ليخلق لديهم الشغف الدافع لهم دون تفكير لاقتناء المنتج أو الخدمة ، وكذلك أصبح العالم كله يدار بنفس المنطق في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وعلى رأسها بالطبع الجوانب الدينية مع الشعوب المتدينة بالفطرة ، مثل شعوبنا العربية والمسلمة .

ولعل ما مرت به مصر والمنطقة العربية عبر القرون الأخيرة ، والتي ظهرت نتائجها بوضوح خلال العقود الماضية ، هو أبلغ أمثلة على نجاح عمليات تسويق الخداع والضلال ، واستغلال جهل الشعوب وغفلتها التي أدت لسقوطها أسيرة للمؤامرات الغربية بكل بشاعتها ونتائجها الكارثية ، والتي تجرعتها الشعوب واكتوت بنيرانها دون أن تشك تلك الشعوب لحظة أنه يتم التلاعب بهم لإسقاطهم ونهب ثرواتهم ، ليس فقط بشعارات كاذبة ومزيفة كالديموقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية ، ولكن بداية من دخول الفاطميين للقاهرة من أجل تحويلها لدولة شيعية ، ثم فشلهم الذريع على يد المصريين تحت قيادة صلاح الدين الأيوبي ، ومرورا بالمماليك والعثمانيين الذين أدخلوا الانجليز لمصر ، وانتقالا لظهور الماسونية في مصر ، وانتماء علماء ورجال دولة لها في بدايات القرن الماضي ، والتي كانت تمهيدا دقيقا وماكرا لميلاد جماعة الاتجار بالدين مثل (إخوان المسلمين) ، والتي ولدت من رحم الماسونية ، وبأيدي وتدبير وإعداد ورعاية المخابرات البريطانية ، وتورط كثير من الشعب المصري في شباك الإخوان ، وما زال هناك حتى اليوم من ينتمي لهم كعناصر كامنة مختفية ، ومرورا بظهور السلفية (الوهابية) من رحم الماسونية الوهابية من الجزيرة العربية ، وبرعاية المخابرات البريطانية أيضا ، ولدرجة أن كبير علماء الماسونية (الألباني) نفسه ، كان ألبانيا لا يجيد اللغة العربية ولكنه عميلا للمخابرات البريطانية ومقره بالأردن ، وكان أشهر من تربى على يديه ثلاثي زعماء السلفية المصرية (الحويني – يعقوب – حسان) وهم تلاميذ نجباء للألباني الذي لا يجيد اللغة العربية .

وعند ذكر السلفية فحدث ولا حرج ، لأنهم تغلغلوا في الريف والصعيد المصري ، وما زالت آثارهم المدمرة مسيطرة على العقول والقلوب ، برغم سقوط الوهابية (الأصل) في بلدها الأصلية (الجزيرة العربية) ، ولكن ضحاياهم المغيبين ما زالوا يرون أن عادات السلفية كالنقاب واللحية الشعثاء هي من صميم الدين ، والتفريط فيها يقترب من الشرك بالله ، وهو ما يعني أن التسويق لانتشار السلفية كان ممتازا ومحكما ، ولديه البيئة المغيبة الجاهلة المستعدة لالتهام خرافات السلفية ، واعتبارها عين الحقيقة في الدين والتقرب إلى الله ، رغم أن مجرد التفكير المنطقي في أساسيات السلفية كفيل بأن يكشف زيفها وبهتانها ، وضلال تعالميها وعاداتها اليهودية الأصل ، وكأن صانعيها يسخرون من المسلمين ، ويستخدمونهم كعرائس خشبية تقلدهم وتنشر عاداتهم ، مثل نقاب العار اليهودي ولحية حاخامات اليهود الشعثاء ، بل إن هذا ما قاله أحد حاخامات اليهود تحديدا علانية متفاخرا باختراق العادات اليهودية لمجتمعات المسلمين ، وإجبارهم على تقليد المظاهر اليهودية للرجال والنساء ، ولكن علماءنا الأفاضل مشغولون أو متراجعون ولعلهم يوما يعلمون ما اقترفوه من خزلان أو جمود أدى لمزيد من التفريط والضلال .

ولا شك .. أن انفجار الإعلام في العقود الأخيرة كان مقصودا ، لملء فراغات العقول بما يخضعها لسيطرة الماسونية حرفيا ، وكان أبرز أهدافه هو خلق حالة الفوضى الفكرية لدى عامة شعوب الأرض ، خاصة في منطقتنا العربية والمسلمة ، لأنها المنطقة الوحيدة في العالم التي ما زالت فيها روابط الأسر والعائلات والأنساب ، وهو ما يؤرق ويزعج ويثير حنق وحقد قادة الماسونية في العالم ، حتى أصبح تفكيك روابط الأسر هدفا استراتيجيا أساسيا يسارعون بكل الوسائل الممكنة لتحقيقه ، سواء باستخدام الإعلام والترويج للانحرافات والعلاقات المحرمة تحت مسميات الحرية والحب والعشق والغرام والمتعة ، أو الترويج للشذوذ بل والزواج بين البشر والحيوانات ، أو نشر البلطجة والمخدرات ، وتشجيع البنات والسيدات على التمرد وترك البيوت ، واعلان التحدي وتفجير حملات المساواة مع الرجل ، وليذهب الأطفال للجحيم ، وإفساد أخلاق الشباب والرجال تحت مسميات التطور والمتعة وتقليد الغرب ، ليصبحوا مسوخا بشرية لا تتحمل ولا تستطيع الحفاظ على أسرة أو روابط عائلية ، مرورا بتدمير الفكر الجمعي للأسر والعائلات ، وتشريع عادات وقوانين خاصة لتعسير الزواج على الشباب ، فينتشر الفساد والانحراف والجرائم الاجتماعية ، تزامنا مع ظهور الإلحاد والرفض النفسي للدين كنتيجة مباشرة لانهيار وفشل الإخوان والسلفية المتعمد وتخاذل علماء الدين في الوصول لإقناع الشباب .

ولا شك أن ما يحدث اليوم في العالم من صراعات هي نتائج مخططة لمؤامرات قادة الماسونية والمتنورين (مخترعي الصهيونية) على العالم عامة وعلى منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص ، والتي وصلت لمرحلة الفجور فأصبحوا لا يستحون أن يعلنوا للعالم أنهم السادة والمسيطرون ، وأن من يخالفهم فنهايته محتومة ومعروفة ، وهو ما قاله علانية بلطجي أمريكا الملقب بـ (دونالد ترامب) ، والذي لم يأتي صدفة ولا نتاج انتخابات ديموقراطية كما يظن الجهلاء والمغيبين ، بل إن صعوده كان مخططا بعناية ، من أجل سرعة تنفيذ ما تعطل من المخطط في عهد بايدن وأواباما ، وعلى رأسها استكمال السيطرة على الدول العربية كاملة ، وأولها مصر التي أفسدت نجاح المخطط في أحرج مراحله ، ولابد أن ينتهوا من اسقاط مصر بأي ثمن ، خاصة وأنها أصبحت قوة إقليممية لا يستهان بها ، وتجاوزت كل الخطوط الحمراء في قوتها العسكرية والسياسية بل والاقتصادية ، لدرجة أن الإعلام ومراكز الدراسات الإسرئيلية أصبحت تستغيث يوميا وتطالب أمريكا بسرعة التدخل لتحجيم قوى مصر المتنامية بشراسة .

ولابد أن نتذكر دوما أننا في فترة زمنية مفصلية وحاسمة من التاريخ ، حيث يدور التاريخ ليعيد لمصر مكانتها الحقيقية كقوة عظمى بإذن الله ، أو ليعود بها لمربعات التوابع للدول العظمى كما يحلم أعداؤها ، ولا يعتمد ذلك على قوتنا في خوض المعارك السياسية والاقتصاية والعسكرية ، بقدر ما يعتمد على حجم الوعي الجمعي لهذا الشعب ، والذي يتعرض يوميا لمختلف أشكال المؤامرات الإعلامية ، باستغلال جميع الأحداث والحوادث ، بل وباختلاق أحداث وحوادث مضللة لصناعة تشتيت وفوضى لعقول ومفاهيم هذا الشعب ، وهو ما نراه يوميا على صفحات التواصل ، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، والزاخرة بشتى ألوان الأكاذيب والتزييف للحقائق باستغلال مستويات الجهل المتزامن مع نهم عامة الناس للأخبار والحوادث المثيرة بغض النظر عن مصداقيتها ، مع إغراق الناس في فضائح وصراعات الفنانين والفنانات ولاعبي الكرة ، مع كثير من مؤامرات إثارة التعصب بين فئات الشعب والتي يديرها نادي بعينه كان وما زال وكرا خاضعا لإخوان المسلمين منذ عقود طويلة مضت ، ويعاني حاليا من سيطرة عناصر اخوانية عليه ، تحاول إشعال الفوضى والتناحر بين المصريين بشتى الطرق والوسائل ، مع استغلال أية أحداث أو سلبيات لتحريض الشعب على الحكومة والدولة لعلهم ينجحون فيثور الشعب ويقع في الفوضى .

وهنا يجب أن نذكر أنفسنا دوما بأن نتعقل في فهم وتداول أية أخبار ، خاصة لو كانت الأخبار ومن ينشرها يحرض الناس على الاعتراض والثورة ، ونتذكر أيضا أن تشجيع كرة القدم هو عمل ترفيهي لا يستحق أن نخسر فيه أوقات العمل ولا العلاقات العائلية والمجتمعية ، والأولى من إضاعة الوقت في متابعة أخبار اللاعبين والفنانات أو نتابع أبناءنا ونقوم سلوكياتهم ونحدد ما يشاهدونه على صفاحات التواصل ونوافذ الترفيه المشبوهة ، بل ونوافذ الألعاب التي أصبحت مليئة ببرامج تفاعلية تؤدي لانتحار الأطفال والشباب ، ويجب أن يتوقف فورا كارثة اطلاق العنان للأبناء في الأجازة الصيفية للاستمتاع والسهر المدمر لكل شيء ، فالأجازة المدرسية ليست للمتعة ولكنها فرصة لتعلم أشياء جديدة أهمها ممارسة أعمال حقيقية تدر دخلا على الأبناء ، كما تفعل الدول المتقدمة والمحترمة مع أبناءها ، لتعلمهم تحمل المسئولية ، واكتساب الخبرات والقدرات ، وكفانا تخلفا وضعفا وتفريطا في حياة ومستقبل أبنائنا ، لعلنا يوما نفخر بأننا أحسنا تربيتهم وتعليمهم …

وأخيرا .. ما زال أمامنا الكثير مما نجهله ، بل ورغم ما نسمعه كثيرا عن غوامض العلم ، إلا أننا ما زلنا على أعتاب الحقائق نحبوا ولا ندري من حقائق الخلق إلا لمحات وكثير من الخرافات ، لأننا تجاهلنا علوم الكون في كتاب الله ، واكتفينا باتخاذ كتاب الله حجابا وعدادا للحسنات والبركات ، وهو أقل واهون استخدام له ، وما أنزله الله من أجل ذلك مطلقا ، بل جعله دستورا للحياة فيه كل علوم الكون التي شاء الله أن نعلمها ، ولكننا أغلقنا العقول والقلوب ، حتى قال فينا سبحانه ، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ، ولكننا سوف نتذاكر معا علوم كتاب الله ، ما شاء الله لنا أن نعلم سويا ، وهو ما سوف نتابعه لاحقا …

جمال عمر

عن الكاتب : جمال عمر

شاهد أيضاً

الاتزان الكوني والشفرة الإلهية (11) …. بقلم : جمال عمر

توقفنا سابقا عند .. اتفاقنا على أن الاتزان الكوني المحفوظ بالشفرة الإلهية في خلقه تعالى …

تعليق واحد

  1. هذا هو الواقع المرير الذي نعيشه مع الاسف …. مقاله لها وزن ثقيل من المعنى …. جزاكم الله خير الجزاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *