احذروا ضلالات البشر .. وعواقبها ….. بقلم : جمال عمر

تعرضنا مرارا من قبل لأسباب تفشي الضلالات والأساطير بين البشر وتبعاتها الكارثية والتي حولت معظم الحقائق إلى أكاذيب تحمل صفة القدسية ، وعرفنا أن البداية جاءت من سوء استخدام الإنسان لهبة الإبداع (الإتيان بالجديد) والتي جعلها الله فطرة في نفوس البشر لتعينهم على إعمار الأرض كخلفاء عليها ، والتي هي (العبادة الحقيقية) ، وذلك لأنها هي المهمة التي خلقنا وكرمنا الله من أجلها ، ونحن نعرف جيدا أن فطرة الإبداع في النفوس هي التي تولد التنافس لإثبات التميز ، والتي نراها ببراءتها في سلوكيات أطفالنا ، ولكننا كلما تقدمنا في العمر نحاول إخفائها ونجملها كلما زاد إدراكنا وخبراتنا وقدراتنا ، ولا شك أن الاستخدام السوي لهبة الإبداع يحتاج من الإنسان أن يكون مسيطرا على جماح نفسه ورغباته وشهواته ، ولا يستقيم الإنسان في استخدام هذه الفطرة الخطيرة ، إلا إذا كان واعيا وصادقا مع نفسه ومع غيره ، وأقرب للفهم والإدراك لحقيقة الخلق والهدف منه ، مهما كانت بيئته ودينه والمؤثرات الخارجية عليه ، وهو ما تزداد صعوبته كلما انغمس الإنسان في مغريات وفتن الحياة ، خاصة في زخم الانفجار العشوائي لحجم ضلال الإعلام الاستهلاكي التي يهاجم عقله وقلبه على مدار الساعة يوميا ، وهو ما يشتت قدرات الغالبية العظمى من الناس على فهم الحقائق أو إدراكها ، فنرى الغالبية العظمى من البشر يفضل الركون للضلالات المتناسبة مع شهواته ورغباته ، فتنحصر آماله وطموحاته فيما سوف يستفيده من كل تصرف في حركة حياته .

ولا يتوقف الإنسان ليراجع نفسه ويقيم مفاهيمه ، إلا لو تعرض لحدث جلل يهز كيانه ويزلزل استقراره النفسي المزيف ، وحينها ربما يفقد القدرة تماما على الفهم والإدراك ويتحول لما هو أسوأ ، ونادرا ما يكون لديه القدرة على بذل الجهد والوقت ليفهم أو يتعلم ما لم يكن يعلمه ، وبنظرة سريعة على أحوال البشر سوف تجد ما يرعب العقول والنفوس ، فابن آدم يقتل أخيه بدم بارد في كل مكان ، وكيانات خفية تحرك كل الشرور على الأرض ، والفساد ينتشر كالنار في الهشيم ، والزور والبهتان أصبح مقننا ، وكثير من البشر بلغت به بجاحة الباطل ألا يستحي أن يعاتبك على حمايتك لنفسك ، لدرجة أن إسرائيل مثلا تشكو رسميا قيام مصر بتحصين أرضها في سيناء ، وإعلامهم ينادي بعقاب مصر على جرأتها في تحصين أرضها ضد العدوان الإسرائيلي المحتمل ، وأمريكا تتهم روسيا بالعدوانية والسادية وانتهاك المواثيق بمحاولتها حماية أمنها القومي ضد زحف الناتو نحوها ، وهي أمريكا نفسها الطامعة في ضم كندا وجرين لاند وقناة بنما ، والتي تعترف دون حياء بأنها دخولها العراق وقتلها أكثر من ثلاثة ملايين عراقي كان خطئا عابرا ، تماما مثل تدميرها فيتنام وأفغانستان وليبيا وسوريا مؤخرا ، بل وتدعي كذبا أن ما تفعله هو من أجل الحرية والديموقراطية للشعوب التي تقتلها ، وتدمر بلادها وتنهب ثرواتها .

ولن نبتعد كثيرا لو توقفنا عند اتهامات الغرب للمسلمين بإهدار حقوق المرأة ، بادعاء حرمانها من حقوق العري والانحراف والدعارة باسم الحرية ، والتي يعانون منها بشراسة ، لدرجة أن 85% من الأفراد في الدول الغربية لا تعرف والدها الحقيقي ، وربما لا تعرف والديها معا ، فالغالبية العظمى تربوا في ملاجيء اللقطاء التي ترعاها الدول والكنائس ، فإذا بهم يعلنون صراحة عن استهدافهم للترابط الأسري في الشرق ، والذي يمثل نقطة ضعف وعار لديهم ، ولا عجب بالطبع أنهم هدموا المسيحية من أساسها كدين ، فالبابا شخصيا رأيناه يبارك زواج المثليين ، والبابا رأيناه يركع ويقبل أيدي وأرجل عائلة روكفيلر وروتشيلد اليهوديتان ، لأنهم أصبحوا مسيطرين على جميع الحكومات الغربية ومنذ قرون مضت ، بل ولا يستحون عن الإعلان عن اقتراب خروج إلههم (إبليس) للعلن ليحكم العالم ، فهل هؤلاء هم البشر الذين خلقهم سبحانه وتعالى ليعمروا الأرض كخلفاء عليها بالعلم والعمل الصالح ؟؟ ، فإذا بهم يعبدون الشيطان علانية ، ويتقاتلون ويخربون الأرض ويدمرون أنفسهم بمنتهى الغباء والحماقة ، ليحققوا الهدف الأزلي لإبليس ، وهو إثبات أن البشر لا يستحقون التكريم ، ولا يليقون بشرف إعمار الأرض كخلفاء عليها ، وقد نجح إبليس في ذلك منذ أن أقنع البشر بعدم وجوده وصدقه الغالبية العظمى من البشر .

ولا شك أن حقيقة وجود إبليس وجنوده وعلى رأسهم الوسواس الخناس ، والذي يوسوس لكل إنسان في كل لحظة في حياته هي حقيقة لا تقبل الجدال ، ولكن الكارثة أن البشر تنكر ذلك استجابة لوسواسها الخناس المسيطر عليهم وأصبحوا أسرى عنده ، لدرجة أنك لو قلت لشخص (استعذ بالله من الشيطان الرجيم) ، ربما ينفجر فيك غاضبا معتبرا ذلك اتهاما منك له لا يليق بقدره وذكائه واعتزازه بنفسه ، فكل ما يقوله ويفعله هو من محض ذكاءه وفهمه ووعيه الشخصي ، وفكرة وجود وسواس خناس يسيطر عليه ، هي من الأساطير التي لا تليق ، خاصة في عصر التكنولوجيا والانترنت والذكاء الاصطناعي ، ولا عجب أن تجد ذلك متفشي بين المتعلمين والمثقفين ، خاصة أصحاب الشهادات العليا وما يوازيها ، حيث يعتبرون أنفسهم على قمة العلم في الدنيا ، فكيف تحدثه عن أشياء هو لا يراها بعينيه ، ولا عجب فهناك علماء كثيرون في مجالات عديدة يعبدون البقر والشمس والهواء وكثير منهم ملحدون ، وهم بالقطع ينتمون لطائفة النفوس الجاهلة ، رغم حيازاتهم لشهادات علمية ، ولكن نفوسهم قاصرة وفاقدة للقدرة على الفهم والتدبر ، والإدراك لناموس الخالق العظيم وإعجازه في كونه ، خاصة في خلق الإنسان نفسا وجسدا .

ولا شك .. أن حقيقة { أن الله خلق كل البشر سواسية } ، هي أبسط وأول المفاهيم التي يعترف بها البعض شفاهة ولكن تنكرها نفوس الغالبية العظمى من البشر ، ولا يقبلون حقيقة أن خالقهم العظيم يحبهم جميعا ويغار عليهم جميعا سواسية ، مؤمنهم وكافرهم وملحدهم ومشركهم ، ولا يتصورون أن الدرجات بينهم في الدنيا ما هي إلا معطيات اختباراتهم في الدنيا ، وكان أولى لهم أن يدركوا أن تميز البعض ليس لأنهم يستحقون التميز ، بل على العكس تماما لأنهم محاسبون على هذا التميز حسابا عسيرا في الدنيا والآخرة ، إن لم يراعوا ما عليهم من واجبات وحقوق لغيرهم ، فمثلا .. إذا أغناك الله بمال ولم تعطي حقه من الزكاة والصدقات باستمرار ، فقد كتبت على نفسك أن يذيقك الله الشقاء بهذا المال في حياتك ، فلا تشعر بالرضا ولا الراحة مطلقا ، وإذا منح الله الجمال لأنثى فلم تراعي ستره وعدم التباهي به ، واستباحت التمتع بإعجاب وإبهار الآخرين به ، فقد كتبت على نفسها الشقاء بهذا الجمال ولو بعد حين ، ولو منحك الله سلطة أو جاها فلم تستخدمه فيما يرضي الله فقد كتبت على نفسك أن يكون جاهك وسطلتك سببا في شقائك وحزنك وإذلالك في الدنيا ، والتزامك بمناسك الخضوع لله ليس معناه أنك قد أصبحت وكيلا لله على أرضه ، تقنن وتفرض على غيرك تبعا لأهوائك ، فترى تجار الدين مثلا يأمرون أتباعهم بعدم تهنئة من يخالفهم الدين في مناسباتهم ، وعدم احترام معتقداتهم ، وينسون أن المعتقدات كلها معطيات الله للإنسان لا يد له فيها ، وأننا مأمورون من الله أن نحترم معتقدات غيرنا تمام كما نتمنى أن يحترم غيرنا معتقداتنا ، وفي النهاية حساب الجميع على خالقهم .

ولا شك أيضا .. أن اختلافات البشر جميعا وصراعاتهم مبنية على عدم احترام الاختلاف ، بداية من الأخ الذي يمنع أخته من ميراثها الشرعي بالقوة ، بحجة أنها ليست رجلا ، وأن الميراث سوف يصل لرجل آخر ليس من صلبهم ، رغم أن هذا الآخر هو في الأصل مؤتمن على حياة وشرف هذه الأخت في رحلة عمرها ، والعائلات الكبيرة ترى نفسها أعظم من غيرهم من الناس ، واليهود يرون أنهم شعب الله المختار ومن سواهم ليسوا سوى حيوانات بشرية ، خلقهم الله على صورة البشر لخدمة اليهود ، والمسيحيون يرون أنهم عيال المسيح ابن الله المخلص ولن يدخل الجنة سواهم ، وكذلك تجار الدين من المسلمين يرون أنهم أصحاب الجنة وأولياء الله ، وكذلك الهندوس والسيخ والبوذيون ، أما الملحدون فيرون أنهم الوحيدون المتنورون الغير خاضعين لإله أو رب ، وهم في الحقيقة خاضعين لإبليس بجهلهم وضلالهم المطلق ، فالمشكلة الأزلية بين البشر هي قبول الآخر واحترام معتقداته ومقدراته ، وهي أساسيات يرسخها الوالدين في تربية الأطفال ، والتي أصبحت من الماضي ولا تهتم بها الأسر والعائلات إن وجدت ، فأبناء ملاجيء اللقطاء في الغرب ، والتي يخضع معظمها للفرق والجماعات الماسونية والمتنورين ، لا يعنيهم سوى استخدام هذه الأجيال في مخططاتهم ومؤامراتهم على البشرية .

ثم ننتقل لمفهوم آخر لا يقل خطورة عن الأول ، وهو مفهوم الهدف من الحياة ، فالهدف من الحياة هو إعمار الأرض بالعلم والعمل والكد والكدح واحتراف تحمل المشقة وتجاوز المصاعب ، وخدمة الآخرين وهو ما يشعرنا دوما بالسعادة في تذوق المتع في الدنيا ، فالمتع التي تأتي دون بذل الجهد ودون مراعاة وخدمة غيرنا ، لا تؤدي للسعادة والرضا بل تؤدي لإدمان المتع المؤدي للنهم وعدم الاكتفاء والصراعات والإحباط والاكتئاب ، فتجد أعلى نسب الانتحار موجودة في أكثر الشعوب دخلا ورفاهية ، وللأسف مفهوم السعادة بالكد والكدح ورعاية الآخرين ، هو مفهوم قد تم طمسه تماما في عقول وقلوب الأجيال المعاصرة ، خاصة في طوفان الفضائيات وشبكات التواصل ، التي حولت تركيز واهتمام الجميع لاقتناص أكبر قدر من المتع بلا حدود ، فأصبح البشر باحثين عن الراحة والمتعة في كل حركات حياتهم ، وتم طمس حكمة الله في خلقه البشر ، والتي جعل الله فيها المشقة (الكبد) هو مفتاح سعادة الإنسان ، حيث خلق الله نفوس البشر لا تقوى ولا تبدع إلا بالتعرض للمصاعب والمشكلات ، بل وخلق سبحانه الأجساد لا تقوى ولا يشتد عودها إلا بالمشقة والعناء والتحمل ، ولذلك نعاني اليوم من ضعف أجساد أبنائنا ، لأننا دللناهم وتركناهم على راحتهم ، ولبينا كل مطالبهم ، وكانت النتائج نفوسا ضعيفة ومريضة ، إضافة لأجساد ضعيفة ومريضة لدرجة أن نسب النجاح في الكشف الطبي للكليات العسكرية في أحد السنوات بلغت أقل من (5%) ، وهو ما يعني أن 95% من شبابنا أجسادهم ضعيفة ومريضة ، ونفوسهم مهترئة وغير مستقرة  ، لأننا اهتممنا براحتهم وأهوائهم فقط ، ولم نحسن تربيتهم نفوسا وأجسادا ، وكفانا أن نرى (الماميز) وهن أمام المدارس والسناتر في انتظار أبناءهن خوفا عليهم وحرصا مدمرا على مستقبلهم ، غير مدركات أنهن يدمرن قدرات أبنائهن ، ويقتلن تحملهم للمسئولية .

وكفانا اليوم هاتان النقيصتان في نفوسنا ، الأولى هي غباء الأنانية النفسية ، والثانية وهي الظن بأن الهدف من الحياة هو قنص المتع ،  ويكفي أن نعرف أن تفشي كل منهما كفيلا بإنهاك الشعوب وتشتيت قوتها وقدراتها ، فما بالنا لو كانت النفوس تعاني من الإصابة بكلاهما ، ولذلك نرى كثيرا من السلوكيات المتدنية وقد أصبحت عادات اجتماعية معترف بها وتمارس وكأنها جزءا من الدين والأخلاق والقيم الأصيلة في مجتمعاتنا ، وأبسطها التجهم في وجوه الناس ، ثم التنطع على الآخرين في الطرقات والأماكن العامة ، والاحتفال بطهور أو زواج أو حتى وفاة أحدهم بسد الشوارع وصم آذان البشر لساعات طويلة ، وكأن الدنيا وكل الناس لابد وأن تتوقف وتشارك المتنطع مناسبته رغم أنوفهم ، وبالتالي فلا عيب من خطف الفرص والمكاسب في أي شيء بالواسطة أو الرشوة أو الكذب والتزوير ، فنزعت البركة من حياة الناس ، وتفشت الشكوى من مشقة الحياة وضيقها وضنكها ، لأنهم نسوا وعد الله .. { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124 ، واستباحوا إنكار ثوابت الله في حياتهم أو تجاهلوها واتبعوا الأهواء والشهوات ، فوقعوا في الغي والفتن كما يقول سبحانه وتعالى .. {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً }مريم59 .

‫فعله النبي مع الصحابة.. الأزهر العالمي للفتوى يكشف عن أسلوب لتربية الأبناء‬‎

أخيرا .. لا شك أن تراكم الضلالات في مفاهيم البشر قد أصبح كبيرا وخطيرا ، حيث أصبحنا على أعتاب حرب عالمية مدمرة كنتيجة مباشرة لمؤامرات عبدة الشيطان من الجماعات السرية المسيطرة على الغرب وتحاول إدارة العالم نحو الهاوية ، خاصة وأن الغالبية العظمى من الشعوب غافلة غارقة في الأهواء وتقاد بشهواتها ، وقد ينالها من عقاب الله ما يحذرون منه ، لأنهم يفرطون في كثير من قيمهم ودينهم ، وكثير من الحكومات لا تجرؤ على مواجهة قوى الماسونية والصهيونية العالمية ، سواءا لتبعيتهم لها أو لخضوعهم المذل حفاظا على عروشهم ، والجميع لا يدري أن عقاب الله محتوم ، وذلك لسبب وحيد وهو أن (لله في خلقه شئون) ، فسبحانه يمهل البشر ولكنه لا يهمل ، ولله سبحانه وتعالى القرار الأخير ، وكما عودنا سبحانه عبر تاريخنا ، سوف يتدخل في التوقيت المناسب لمحو قوى البغي والظلم على الأرض ، وعقاب المفرطين الغارقين في شهواتهم ، ولله جنود السماوات والأرض ، ولا يعلم جنود ربك إلا هو ، وليس هذا دروشة ولا تواكل ، ولكنه دعوة للبشر أن يصلحوا علاقاتهم مع الله ، لعل الله يجنبهم سوء عقابه القادم لا محالة ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون …

جمال عمر

عن الكاتب : جمال عمر

شاهد أيضاً

هل أنت .. من خراف القطيع ؟؟ …. بقلم : جمال عمر

كثير من الناس أو قل الغالبية العظمى يعشق أن يكون فردا في القطيع ، رغم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *