احذروا ضلالات البشر .. وعواقبها ….. بقلم : جمال عمر
الكاتب : جمال عمر
11 يناير، 2025
اخبار عامة, اراء ومقالات, الترفيه والفن والرياضة, التنمية والمشروعات القومية, الشئون الامنية, الشئون الدينية, الشئون العسكرية, المقالات والرأي, سياسة, سياسة دولية واخبار العالم, شئون, عاجل, وزارات
106 زيارة

تعرضنا مرارا من قبل لأسباب تفشي الضلالات والأساطير بين البشر وتبعاتها الكارثية والتي حولت معظم الحقائق إلى أكاذيب تحمل صفة القدسية ، وعرفنا أن البداية جاءت من سوء استخدام الإنسان لهبة الإبداع (الإتيان بالجديد) والتي جعلها الله فطرة في نفوس البشر لتعينهم على إعمار الأرض كخلفاء عليها ، والتي هي (العبادة الحقيقية) ، وذلك لأنها هي المهمة التي خلقنا وكرمنا الله من أجلها ، ونحن نعرف جيدا أن فطرة الإبداع في النفوس هي التي تولد التنافس لإثبات التميز ، والتي نراها ببراءتها في سلوكيات أطفالنا ، ولكننا كلما تقدمنا في العمر نحاول إخفائها ونجملها كلما زاد إدراكنا وخبراتنا وقدراتنا ، ولا شك أن الاستخدام السوي لهبة الإبداع يحتاج من الإنسان أن يكون مسيطرا على جماح نفسه ورغباته وشهواته ، ولا يستقيم الإنسان في استخدام هذه الفطرة الخطيرة ، إلا إذا كان واعيا وصادقا مع نفسه ومع غيره ، وأقرب للفهم والإدراك لحقيقة الخلق والهدف منه ، مهما كانت بيئته ودينه والمؤثرات الخارجية عليه ، وهو ما تزداد صعوبته كلما انغمس الإنسان في مغريات وفتن الحياة ، خاصة في زخم الانفجار العشوائي لحجم ضلال الإعلام الاستهلاكي التي يهاجم عقله وقلبه على مدار الساعة يوميا ، وهو ما يشتت قدرات الغالبية العظمى من الناس على فهم الحقائق أو إدراكها ، فنرى الغالبية العظمى من البشر يفضل الركون للضلالات المتناسبة مع شهواته ورغباته ، فتنحصر آماله وطموحاته فيما سوف يستفيده من كل تصرف في حركة حياته .

ولا يتوقف الإنسان ليراجع نفسه ويقيم مفاهيمه ، إلا لو تعرض لحدث جلل يهز كيانه ويزلزل استقراره النفسي المزيف ، وحينها ربما يفقد القدرة تماما على الفهم والإدراك ويتحول لما هو أسوأ ، ونادرا ما يكون لديه القدرة على بذل الجهد والوقت ليفهم أو يتعلم ما لم يكن يعلمه ، وبنظرة سريعة على أحوال البشر سوف تجد ما يرعب العقول والنفوس ، فابن آدم يقتل أخيه بدم بارد في كل مكان ، وكيانات خفية تحرك كل الشرور على الأرض ، والفساد ينتشر كالنار في الهشيم ، والزور والبهتان أصبح مقننا ، وكثير من البشر بلغت به بجاحة الباطل ألا يستحي أن يعاتبك على حمايتك لنفسك ، لدرجة أن إسرائيل مثلا تشكو رسميا قيام مصر بتحصين أرضها في سيناء ، وإعلامهم ينادي بعقاب مصر على جرأتها في تحصين أرضها ضد العدوان الإسرائيلي المحتمل ، وأمريكا تتهم روسيا بالعدوانية والسادية وانتهاك المواثيق بمحاولتها حماية أمنها القومي ضد زحف الناتو نحوها ، وهي أمريكا نفسها الطامعة في ضم كندا وجرين لاند وقناة بنما ، والتي تعترف دون حياء بأنها دخولها العراق وقتلها أكثر من ثلاثة ملايين عراقي كان خطئا عابرا ، تماما مثل تدميرها فيتنام وأفغانستان وليبيا وسوريا مؤخرا ، بل وتدعي كذبا أن ما تفعله هو من أجل الحرية والديموقراطية للشعوب التي تقتلها ، وتدمر بلادها وتنهب ثرواتها .

ولن نبتعد كثيرا لو توقفنا عند اتهامات الغرب للمسلمين بإهدار حقوق المرأة ، بادعاء حرمانها من حقوق العري والانحراف والدعارة باسم الحرية ، والتي يعانون منها بشراسة ، لدرجة أن 85% من الأفراد في الدول الغربية لا تعرف والدها الحقيقي ، وربما لا تعرف والديها معا ، فالغالبية العظمى تربوا في ملاجيء اللقطاء التي ترعاها الدول والكنائس ، فإذا بهم يعلنون صراحة عن استهدافهم للترابط الأسري في الشرق ، والذي يمثل نقطة ضعف وعار لديهم ، ولا عجب بالطبع أنهم هدموا المسيحية من أساسها كدين ، فالبابا شخصيا رأيناه يبارك زواج المثليين ، والبابا رأيناه يركع ويقبل أيدي وأرجل عائلة روكفيلر وروتشيلد اليهوديتان ، لأنهم أصبحوا مسيطرين على جميع الحكومات الغربية ومنذ قرون مضت ، بل ولا يستحون عن الإعلان عن اقتراب خروج إلههم (إبليس) للعلن ليحكم العالم ، فهل هؤلاء هم البشر الذين خلقهم سبحانه وتعالى ليعمروا الأرض كخلفاء عليها بالعلم والعمل الصالح ؟؟ ، فإذا بهم يعبدون الشيطان علانية ، ويتقاتلون ويخربون الأرض ويدمرون أنفسهم بمنتهى الغباء والحماقة ، ليحققوا الهدف الأزلي لإبليس ، وهو إثبات أن البشر لا يستحقون التكريم ، ولا يليقون بشرف إعمار الأرض كخلفاء عليها ، وقد نجح إبليس في ذلك منذ أن أقنع البشر بعدم وجوده وصدقه الغالبية العظمى من البشر .

ولا شك أن حقيقة وجود إبليس وجنوده وعلى رأسهم الوسواس الخناس ، والذي يوسوس لكل إنسان في كل لحظة في حياته هي حقيقة لا تقبل الجدال ، ولكن الكارثة أن البشر تنكر ذلك استجابة لوسواسها الخناس المسيطر عليهم وأصبحوا أسرى عنده ، لدرجة أنك لو قلت لشخص (استعذ بالله من الشيطان الرجيم) ، ربما ينفجر فيك غاضبا معتبرا ذلك اتهاما منك له لا يليق بقدره وذكائه واعتزازه بنفسه ، فكل ما يقوله ويفعله هو من محض ذكاءه وفهمه ووعيه الشخصي ، وفكرة وجود وسواس خناس يسيطر عليه ، هي من الأساطير التي لا تليق ، خاصة في عصر التكنولوجيا والانترنت والذكاء الاصطناعي ، ولا عجب أن تجد ذلك متفشي بين المتعلمين والمثقفين ، خاصة أصحاب الشهادات العليا وما يوازيها ، حيث يعتبرون أنفسهم على قمة العلم في الدنيا ، فكيف تحدثه عن أشياء هو لا يراها بعينيه ، ولا عجب فهناك علماء كثيرون في مجالات عديدة يعبدون البقر والشمس والهواء وكثير منهم ملحدون ، وهم بالقطع ينتمون لطائفة النفوس الجاهلة ، رغم حيازاتهم لشهادات علمية ، ولكن نفوسهم قاصرة وفاقدة للقدرة على الفهم والتدبر ، والإدراك لناموس الخالق العظيم وإعجازه في كونه ، خاصة في خلق الإنسان نفسا وجسدا .

ولا شك .. أن حقيقة { أن الله خلق كل البشر سواسية } ، هي أبسط وأول المفاهيم التي يعترف بها البعض شفاهة ولكن تنكرها نفوس الغالبية العظمى من البشر ، ولا يقبلون حقيقة أن خالقهم العظيم يحبهم جميعا ويغار عليهم جميعا سواسية ، مؤمنهم وكافرهم وملحدهم ومشركهم ، ولا يتصورون أن الدرجات بينهم في الدنيا ما هي إلا معطيات اختباراتهم في الدنيا ، وكان أولى لهم أن يدركوا أن تميز البعض ليس لأنهم يستحقون التميز ، بل على العكس تماما لأنهم محاسبون على هذا التميز حسابا عسيرا في الدنيا والآخرة ، إن لم يراعوا ما عليهم من واجبات وحقوق لغيرهم ، فمثلا .. إذا أغناك الله بمال ولم تعطي حقه من الزكاة والصدقات باستمرار ، فقد كتبت على نفسك أن يذيقك الله الشقاء بهذا المال في حياتك ، فلا تشعر بالرضا ولا الراحة مطلقا ، وإذا منح الله الجمال لأنثى فلم تراعي ستره وعدم التباهي به ، واستباحت التمتع بإعجاب وإبهار الآخرين به ، فقد كتبت على نفسها الشقاء بهذا الجمال ولو بعد حين ، ولو منحك الله سلطة أو جاها فلم تستخدمه فيما يرضي الله فقد كتبت على نفسك أن يكون جاهك وسطلتك سببا في شقائك وحزنك وإذلالك في الدنيا ، والتزامك بمناسك الخضوع لله ليس معناه أنك قد أصبحت وكيلا لله على أرضه ، تقنن وتفرض على غيرك تبعا لأهوائك ، فترى تجار الدين مثلا يأمرون أتباعهم بعدم تهنئة من يخالفهم الدين في مناسباتهم ، وعدم احترام معتقداتهم ، وينسون أن المعتقدات كلها معطيات الله للإنسان لا يد له فيها ، وأننا مأمورون من الله أن نحترم معتقدات غيرنا تمام كما نتمنى أن يحترم غيرنا معتقداتنا ، وفي النهاية حساب الجميع على خالقهم .

ولا شك أيضا .. أن اختلافات البشر جميعا وصراعاتهم مبنية على عدم احترام الاختلاف ، بداية من الأخ الذي يمنع أخته من ميراثها الشرعي بالقوة ، بحجة أنها ليست رجلا ، وأن الميراث سوف يصل لرجل آخر ليس من صلبهم ، رغم أن هذا الآخر هو في الأصل مؤتمن على حياة وشرف هذه الأخت في رحلة عمرها ، والعائلات الكبيرة ترى نفسها أعظم من غيرهم من الناس ، واليهود يرون أنهم شعب الله المختار ومن سواهم ليسوا سوى حيوانات بشرية ، خلقهم الله على صورة البشر لخدمة اليهود ، والمسيحيون يرون أنهم عيال المسيح ابن الله المخلص ولن يدخل الجنة سواهم ، وكذلك تجار الدين من المسلمين يرون أنهم أصحاب الجنة وأولياء الله ، وكذلك الهندوس والسيخ والبوذيون ، أما الملحدون فيرون أنهم الوحيدون المتنورون الغير خاضعين لإله أو رب ، وهم في الحقيقة خاضعين لإبليس بجهلهم وضلالهم المطلق ، فالمشكلة الأزلية بين البشر هي قبول الآخر واحترام معتقداته ومقدراته ، وهي أساسيات يرسخها الوالدين في تربية الأطفال ، والتي أصبحت من الماضي ولا تهتم بها الأسر والعائلات إن وجدت ، فأبناء ملاجيء اللقطاء في الغرب ، والتي يخضع معظمها للفرق والجماعات الماسونية والمتنورين ، لا يعنيهم سوى استخدام هذه الأجيال في مخططاتهم ومؤامراتهم على البشرية .

ثم ننتقل لمفهوم آخر لا يقل خطورة عن الأول ، وهو مفهوم الهدف من الحياة ، فالهدف من الحياة هو إعمار الأرض بالعلم والعمل والكد والكدح واحتراف تحمل المشقة وتجاوز المصاعب ، وخدمة الآخرين وهو ما يشعرنا دوما بالسعادة في تذوق المتع في الدنيا ، فالمتع التي تأتي دون بذل الجهد ودون مراعاة وخدمة غيرنا ، لا تؤدي للسعادة والرضا بل تؤدي لإدمان المتع المؤدي للنهم وعدم الاكتفاء والصراعات والإحباط والاكتئاب ، فتجد أعلى نسب الانتحار موجودة في أكثر الشعوب دخلا ورفاهية ، وللأسف مفهوم السعادة بالكد والكدح ورعاية الآخرين ، هو مفهوم قد تم طمسه تماما في عقول وقلوب الأجيال المعاصرة ، خاصة في طوفان الفضائيات وشبكات التواصل ، التي حولت تركيز واهتمام الجميع لاقتناص أكبر قدر من المتع بلا حدود ، فأصبح البشر باحثين عن الراحة والمتعة في كل حركات حياتهم ، وتم طمس حكمة الله في خلقه البشر ، والتي جعل الله فيها المشقة (الكبد) هو مفتاح سعادة الإنسان ، حيث خلق الله نفوس البشر لا تقوى ولا تبدع إلا بالتعرض للمصاعب والمشكلات ، بل وخلق سبحانه الأجساد لا تقوى ولا يشتد عودها إلا بالمشقة والعناء والتحمل ، ولذلك نعاني اليوم من ضعف أجساد أبنائنا ، لأننا دللناهم وتركناهم على راحتهم ، ولبينا كل مطالبهم ، وكانت النتائج نفوسا ضعيفة ومريضة ، إضافة لأجساد ضعيفة ومريضة لدرجة أن نسب النجاح في الكشف الطبي للكليات العسكرية في أحد السنوات بلغت أقل من (5%) ، وهو ما يعني أن 95% من شبابنا أجسادهم ضعيفة ومريضة ، ونفوسهم مهترئة وغير مستقرة ، لأننا اهتممنا براحتهم وأهوائهم فقط ، ولم نحسن تربيتهم نفوسا وأجسادا ، وكفانا أن نرى (الماميز) وهن أمام المدارس والسناتر في انتظار أبناءهن خوفا عليهم وحرصا مدمرا على مستقبلهم ، غير مدركات أنهن يدمرن قدرات أبنائهن ، ويقتلن تحملهم للمسئولية .

وكفانا اليوم هاتان النقيصتان في نفوسنا ، الأولى هي غباء الأنانية النفسية ، والثانية وهي الظن بأن الهدف من الحياة هو قنص المتع ، ويكفي أن نعرف أن تفشي كل منهما كفيلا بإنهاك الشعوب وتشتيت قوتها وقدراتها ، فما بالنا لو كانت النفوس تعاني من الإصابة بكلاهما ، ولذلك نرى كثيرا من السلوكيات المتدنية وقد أصبحت عادات اجتماعية معترف بها وتمارس وكأنها جزءا من الدين والأخلاق والقيم الأصيلة في مجتمعاتنا ، وأبسطها التجهم في وجوه الناس ، ثم التنطع على الآخرين في الطرقات والأماكن العامة ، والاحتفال بطهور أو زواج أو حتى وفاة أحدهم بسد الشوارع وصم آذان البشر لساعات طويلة ، وكأن الدنيا وكل الناس لابد وأن تتوقف وتشارك المتنطع مناسبته رغم أنوفهم ، وبالتالي فلا عيب من خطف الفرص والمكاسب في أي شيء بالواسطة أو الرشوة أو الكذب والتزوير ، فنزعت البركة من حياة الناس ، وتفشت الشكوى من مشقة الحياة وضيقها وضنكها ، لأنهم نسوا وعد الله .. { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه124 ، واستباحوا إنكار ثوابت الله في حياتهم أو تجاهلوها واتبعوا الأهواء والشهوات ، فوقعوا في الغي والفتن كما يقول سبحانه وتعالى .. {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً }مريم59 .

أخيرا .. لا شك أن تراكم الضلالات في مفاهيم البشر قد أصبح كبيرا وخطيرا ، حيث أصبحنا على أعتاب حرب عالمية مدمرة كنتيجة مباشرة لمؤامرات عبدة الشيطان من الجماعات السرية المسيطرة على الغرب وتحاول إدارة العالم نحو الهاوية ، خاصة وأن الغالبية العظمى من الشعوب غافلة غارقة في الأهواء وتقاد بشهواتها ، وقد ينالها من عقاب الله ما يحذرون منه ، لأنهم يفرطون في كثير من قيمهم ودينهم ، وكثير من الحكومات لا تجرؤ على مواجهة قوى الماسونية والصهيونية العالمية ، سواءا لتبعيتهم لها أو لخضوعهم المذل حفاظا على عروشهم ، والجميع لا يدري أن عقاب الله محتوم ، وذلك لسبب وحيد وهو أن (لله في خلقه شئون) ، فسبحانه يمهل البشر ولكنه لا يهمل ، ولله سبحانه وتعالى القرار الأخير ، وكما عودنا سبحانه عبر تاريخنا ، سوف يتدخل في التوقيت المناسب لمحو قوى البغي والظلم على الأرض ، وعقاب المفرطين الغارقين في شهواتهم ، ولله جنود السماوات والأرض ، ولا يعلم جنود ربك إلا هو ، وليس هذا دروشة ولا تواكل ، ولكنه دعوة للبشر أن يصلحوا علاقاتهم مع الله ، لعل الله يجنبهم سوء عقابه القادم لا محالة ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون …
جمال عمر